Pages

Sabtu, 26 Agustus 2023

أنواع الجناس في الكتاب العزيز

المقدمة

إن إعجاز القرآن يكون في ألفاظه ومعانيه وأصواته حين تتلى آياته. فأما كون الإعجاز من جهة الألفاظ فقد استخدم القرآن الأدب العالي والأسلوب البليغ في الكلام والخطاب وفيه أنواع مختلفة من المحسنات اللفظية والمعنوية فيعجز العرب عن الإتيان بمثله وإن كانوا من أهل البلغاء والفصحاء. وقد تحداهم القرآن على أن يأتوا بمثله كقوله عز وجل : {أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرىه ۖ قُلْ فَأْتُوا۟ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِۦ وَٱدْعُوا۟ مَنِ ٱسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ}. )[1](

والإعجاز يكون كذلك في معانيه لأن القرآن يشتمل البشارة والإنذار والقصص والأحكام التي بها يهتدي الناس إلى سواء السبيل فيخرجون من ظلمات الجهل والضلال وينجون من الضنك وضيق حياة الدنيا والآخرة فقد قال الله جل شأنه : {كتابٌ أَنزَلْنَٰهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ} )[2](

وكذلك صوت ونغم القرآن فـإعجازه يكون عند الاستماع به. وكم من منكر قد يرجف قلبه بعد استماعه بعض آيات القرآن وفيه شفاء للقلب وطمأنينة للجسد. فقد قال الله تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّلِمِينَ إِلَّا خَسَارًا})[3](

الجناس

تعريف الجناس

فإن معرفتنا بالأساليب التي استخدمها القرآن في الخطاب والكلام ستشكف لنا أن في القرآن  إعجازا في ألفاظه ومعانيه. فمن الأساليب التي استخدمها القرآن هو الجناس وهو نوع من أنواع المحسنات اللفظية. وقد تكلم العلماء بالتفصيل في مصنفاتهم في ضمن المبحث الذي يسمونه -في علوم القرآن- ببدائع القرآن. والجناس هو تشابه اللفظين في اللفظ.)[4]( ومن فائدته الميل إلى الإصغاء إليه فإذا عبر المتكلم باللفظ المشترك فإن المستمع يحمل الثاني إلى المعنى الأول ولكن كان المراد من المتكلم المعنى الثاني فكان للمستمع تشوق إليه. وقد ورد كثيرا في القرآن الكريم.

أنواع الجناس

فالجناس نوعان : التام وغير التام. وسنذكر كل واحد منهما مع بعض الأمثلة التي ورد في القرآن الكريم :

أولا- جناس تام وهو بأن يتفقا في أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها نحو قوله تعالى في سورة الروم : {وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا۟ غَيْرَ سَاعَةٍ} فالساعة الأولى بمعنى يوم القيامة وأما الثانية فمرادها المدة الزمنية التي لا يعرفها إلا الله تعالى. وكذلك في قوله عز وجل في سورة النور : {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِۦ يَذْهَبُ بِٱلْأَبْصَٰرِ يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُو۟لِى ٱلْأَبْصَٰرِ} فالمراد بالأبصار في اﻷولى العيون وأما الثانية بمعنى العقول فأولوا الأبصار يعني أولوا اﻷلباب.

ثانيا- غير تام وهو ما اختلف فيه اللفظان إما في أنواع الحروف أو شكلها أو عددها أو ترتيبها, وفيه أنواع كثيرة منها :

·  المصحف : ويسمى أيضا جناس الخط بأن تختلف الحروف في النقط نحو : {وَٱلَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ})[5]( أي بين لفظ يسقين ويشفين. فاﻷول من سقى يسقي أي أعطى الماء والثاني من شفى يشفي أي الذي  يعفي ويبرأ من المرض.  

·  المحرف : بأن يقع الاختلاف في الحركات نحو قوله : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِم مُّنذِرِينَ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ})[6](. فكلاهما من أنذر ينذر أي الذي يخوف بالعواقب فالأول على صيغة اسم فاعل والثاني على صيغة اسم مفعول  أي هم القوم الذين أنذرهم الرسل.

·  الناقص : بأن يختلفا في عدد الحروف سواء كان الحرف المزيد أولا أم وسطا أم آخرا نحو قوله: {وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ})[7](. أي بين الساق والمساق. وكقوله: {ثُمَّ كُلِى مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ} )[8](

·   المذيل : بأن يزيد أحدهما أكثر من حرف في الآخر أو الأول نحو قوله: {وَٱنظُرْ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا})[9](. وكقوله: {وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ})[10](. وقوله: {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ})[11](

·   المضارع : وهو أن يختلفا بحرف مقارب في المخرج سواء كان في الأول أو الوسط أو الآخر نحو قوله عز وجل: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْـَٔوْنَ عَنْهُ})[12]( أي بين الهاء في ينهون والهمزة في ينئون لأن مخرجهما متقارب وهو في أقصى الحلق.

·  اللاحق : بأن يختلفا بحرف غير مقارب في المخرج مثل: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} فإن مخرج الهاء في أقصى الحلق ومخرج اللام في حافتي اللسان. ونحو قوله: {ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُون})[13]( لأن مخرج الفاء في باطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا ومخرج الميم في الشفتين مع انطباقهما.

·  المرفق : وهو ما تركب من كلمة وبعض أخرى كقوله : {جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِۦ فِى نَارِ جَهَنَّمَ})[14]( أي بين هار وانهار .

·  اللفظي بأن يختلفا بحرف مناسب للآخر مناسبة لفظية كالضاد والظاء في قوله : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}.)[15](

·  تجنيس القلب : بأن يختلفا في ترتيب الحروف نحو : {فرقت بين بني} )[16](أي في بين وبني

·  تجنيس الاشتقاق بأن يجتمعا في أصل الاشتقاق نحو : {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ})[17]( وقوله : {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ٱلْقَيِّمِ})[18]( وقوله : {إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ})[19](

·  تجيس الاطلاق : بأن يجتمعا في المشابهة فقط نحو قوله : {وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ})[20]( وقوله: {قَالَ إِنِّى لِعَمَلِكُم مِّنَ ٱلْقَالِينَ})[21]( وقوله: {لِيُرِيَهُۥ كَيْفَ يُوَٰرِى سَوْءَةَ أَخِيهِ})[22](

الخاتمة

وهكذا فمن هذا النوع من المحسنات اللفظية التي في ضمن ما يسمى ببدائع القرآن يعرفنا بأن القرآن هو كلام رب العالمين لأن الألفاظ التي يراعي بها القرآن مع ما فيها من دقة معانيها قد أعجزت الناس عامة والعرب خاصة عن الإتيان بمثله.

والله تعالى أعلم بالصواب 


([1]) يونس: ٣٨

([2])  إبراهيم: 1

([3])  الإسراء: 82

([4])  السيوطي, جلال الدين عبد الرحمن السيوطي, الإتقان في علوم القرآن, النوع الثامن والخمسون في بدائع القرآن ص541, ابن حزم ٢٠١٥ م

  ([5])   الشعراء: 79 - 80

  ([6])  الصافات: 72-73

)[7]( القيامة: ٢٩-٣٠

)[8]( النحل: 6٩

)[9]( طه: ٩٧

)[10]( القصص : 45

)[11]( النساء: 143

)[12]( الأنعام: 26

)[13]( غافر: ٧5

)[14]( التوبة: 1٠٩

)[15](القيامة: 23-22

)[16]( طه: ٩4

)[17]( الواقعة: ٨٩

)[18]( الروم: 43

)[19]( الأنعام: ٧٩

)[20]( الرحمن: 54

)[21]( الشعراء: 16٨

)[22]( المائدة: 31

Tidak ada komentar:

Posting Komentar